تمزيق الاستمارة والمستندات التي قدّمها منير ونجاة شاهين هو مثال واضح للتعامل المهين الذي يتعرّض له سكّان القدس الشرقيّة من جانب هاتين المؤسّستين على الدوام.
فقط بعد تدخّل “معًا”، وافقت مؤسّسة التأمين الوطنيّ على استلام استمارة الطلب، وأتاح مكتب العمل للزوجين التسجيل كطالبي عمل، وتمّ مؤخّرًا المصادقة على طلبهما للمخصّصات- بعد خمسة أشهر من تقديم الطلب.
3.2.4 التضييق على مقدّمي الطلبات بمطالب لا حصر لها لتقديم مستندات وبيانات
في 26.1.2014 قدّم السيّد عدنان جمل طلبًا لضمان الدخل.
طلبت مؤسّسة التأمين الوطنيّ من السيّد جمل مستندات وصورًا لثلاثة ممتلكات في حيّ البريد، حيث ادّعت أنّها من أملاك السيّد جمل، كي يتسنّى لها التحديد إذا كان للسيّد جمل دخل من هذه الممتلكات.
ننوّه أنّ للسيّد جمل ملكًا واحدًا فقط وليس ثلاثة، وهذا الملك متروك. إلاّ أنّ مؤسّسة التأمين الوطنيّ كانت على علم بهذه الحقيقة، لأنّ محقّقًا من طرفها أجرى مؤخّرًا تحقيقًا شاملاً في هذا الموضوع، كما وجرى البتّ فيه في محكمة العمل على أثر هذا التحقيق، الذي تحدّد في إطاره أنّ السيّد جمل هو مالك لغرفة واحدة فقط.
فقط بعد تدخّل “معًا”، وإرسال تقارير التحقيقات التي أصدرتها مؤسّسة التأمين الوطنيّ نفسها، اعترفت الأخيرة بخطئها، وفي 15.5.2014 أبلغت عن المصادقة على الطلب- بعد ثلاثة أشهر من تقديم الطلب.
3.2.5 رفض مكتب العمل استقبال طالبات عمل بدون مصادقة فوريّة من مؤسّسة التأمين الوطنيّ، تثبت تقديم طلب لضمان الدخل- معالجة من جانب “معًا” في الوقت
حضر علي وآلاء بلال إلى مكتب العمل في شهر أيّار 2014. توجّه السيّد علي بلال إلى مكتب العمل وتمّ تسجيله بدون صعوبات، لكنّ السيّدة آلاء تفاجأت عندما رفض موظّفو المكتب تسجيلها كطالبة عمل بدون مصادقة على تقديم طلب لضمان الدخل إلى مؤسّسة التأمين الوطنيّ.
اتّصلت السيّدة آلاء بلال بمكتب “معًا” عندما كانت في مكتب العمل. في المحادثة التي تمّت مع مدير مكتب العمل، ادّعى مدير المكتب في القدس الشرقيّة، السيّد موشيه بيكر، أنّه حسب رأيه السيّدة آلاء بلال ليست معنيّة بالعمل ولذلك رغم موافقته على طلبنا بتسجيلها كطالبة عمل، أعلن أنّ بنيّته التسجيل أنّها رفضت العمل، وذلك رغم أنّه لم يُعرَض عليها أيّ عمل بتاتًا. دلالة تسجيل الرفض هي سلب استحقاقها للمخصّصات. وفقط بعد أن تمّ التوضيح له في حديثه مع مكتب “معًا” أنّ قراره مخالف للإجراءات، تراجع مدير مكتب العمل عن قراره هذا.
تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأحداث تتكرّر كثيرًا، خاصّةً عندما يكون الحديث عن نساء يطالبن بتسجيلهنّ كطالبات عمل في مكتب العمل. مؤخّرًا، في إطار معالجة حدث مشابه، أوضح لنا موظّف في مكتب العمل أنّه حسب أوامر مدير مكتب العمل، يُمنَع تسجيل طالبات العمل اللواتي يطالبن بضمان الدخل بدون مستند موقّع من مؤسّسة التأمين الوطنيّ، يثبت تقديم الطلب. غنيّ عن الذكر أنّ هذا الأمر يناقض تمامًا إجراءات مكتب العمل التي تلزم تسجيل طالبة العمل حتّى وإن كان معها بطاقة هويّة فقط.
3.2.6 التسجيل الإهماليّ لطالب العمل في مكتب العمل الذي يؤدّي إلى تسجيل رفض اعتباطيّ
وتصرّفات لجنة الاستئنافات في مكتب العمل كموافقة صوريّة على قرارات اعتباطيّة لمكتب العمل
بدأ السيّد رياض زيادة في المثول في مكتب العمل كطالب مخصّصات بطالة في 23.7.2012. عند التسجيل أبلغ السيّد زيادة عن مشاكل صحّيّة، وتمّ استدعاؤه للمثول أمام لجنة طبّيّة، فقط في 20.9.2012.
بعد جلسة اللجنة، أبلغوه شفهيًّا أنّه لن يتمّ إرساله إلى أعمال جسديّة شاقّة، لكنّ السيّد زيادة لم يتلقّ بتاتًا قرارًا كتابيًّا معلَّلاً من اللجنة ولم يتلقّ محضر اللجنة، وكما اتّضح لاحقًا- هذه المستندات ليست موجودة بتاتًا في ملفّه الشخصيّ.
في 10.2.2014 تمّ استدعاء السيّد زيادة لمقابلة عمل جرت في مكتب العمل لوظيفة مراقب بضائع.
ذكر السيّد زيادة في المقابلة محدوداته الطبّيّة التي تمنعه من رفع الأجسام الثقيلة، وطلب من المشغّل عملاً يلائم هذه المحدودات. موظّفة مكتب العمل التي كانت حاضرة في المقابلة هبّت في وجهه وادّعت أنّه ليس لديه أيّة مستندات تشهد على مشاكل صحّيّة وطلبت منه عرضها إذا تواجدت لديه. عندما عرض المستندات، صرخت موظّفة مكتب العمل في وجهه أنّه يُحظَر عليه عرض مستندات طبّيّة أثناء المقابلة، وطلبت من ضبّاط الأمن إخراجه من الغرفة.
في مرحلة لاحقة، اكتشف السيّد زيادة أنّه قد تمّ تسجيل رفض له بسبب هذه المقابلة، الأمر الذي أدّى إلى سلب مخصّصات البطالة منه لمدّة شهرين. قدّم السيّد زيادة بمساعدة من “معًا” استئنافًا للجنة الاستئناف التابعة لمكتب العمل، التي رفضت الاستئناف واعتبرت الادّعاءات الواردة في الاستئناف بأنّها “ادّعاءات واهية في المجال الإجرائيّ”، متجاهلة الادّعاءات الموضوعيّة.
أثناء هذا النقاش في اللجنة، ذكر موظّف مكتب العمل، السيّد يعقوڤ بينشڤيلي، أمام مندوب “معًا” الذي حضر النقاش أنّ %100 من الاستئنافات التي قُدّمت عام 2013 من طرف سكّان القدس الشرقيّة قد رُفضت- الحقيقة التي تثبت الانطباعات التي تراكمت بعد معالجة ملفّات كثيرة، والتي تفيد أنّ لجنة الاستئناف ليست مستقلّة في قراراتها، وإنّما هي توقيع صوريّ على القرارات الاعتباطيّة التي تتّخذها مكاتب العمل.
قدّمت نقابة معًا في هذه الأيّام استئنافًا على قرار لجنة الاستئناف في قضيّة السيّد زيادة إلى محكمة العمل اللوائيّة في القدس.
3.2.7 التوجيه إلى أعمال غير قائمة من قِبل مكتب العمل
تصل إلى “معًا” شكاوى كثيرة بشأن توجيه مكتب العمل طالبي العمل إلى أعمال غير قائمة. الحديث هنا عن حالات يتمّ فيها توجيه طالب العمل إلى مشغّل- شركات قوى بشريّة في أغلب الأحيان، وهناك يكتشف أنّ المشغّل لا يحتاج لعمّال، وفي الكثير من المرّات يخبره المشغّل بأنّه لم يطلب عمّالاً بتاتًا من مكتب العمل.
والأنكى من ذلك- تصل إلى “معًا” شكاوى من طالبي عمل تمّ تسجيل رفض عمل لهم بعد أن رفض المشغّل الذي وُجّهوا إليه مقابلتهم (لأنّه كما سبق ذكره لا عمل لديه)، ولذلك يبقى العامل ومعه استمارة التوجيه دون أن يقوم المشغّل بتعبئتها، ويعتبر بذلك رافضًا للعمل، أو- حالات أخذ فيها المشغّل الاستمارة من العامل، ولا يبقى للعامل استمارة يعرضها في مكتب العمل. تعمل “معًا” في الوقت الحاضر بطريقة العلاج الواقي في هذه الحالات، بحيث تبلغ مكتب العمل عمّا يحدث في وقته- قبل تسجيل الرفض، وتطالب بأن يتمّ توجيه العامل إلى عمل حقيقيّ وأن لا يُسجّل له رفض بسبب هذا التوجيه.
3.2.8. إجمال
في النصف الأوّل من سنة 2014 عالجت “معًا” 116 ملفًّا خاصًّا، منها 86 ملفًّا ضدّ مؤسّسة التأمين الوطنيّ، في طلبات لضمان الدخل ومخصّصات البطالة وحوادث العمل وشكاوى ضدّ عدم منح مصادقة على استلام مستندات وعدم منح مصادقة على تسجيل الطلبات. عالجت “معًا” 30 ملفًّا أخرى ضدّ مكتب العمل، بما في ذلك محادثات هاتفيّة أثناء الحدث مع مكتب العمل، والمساعدة في تسجيل نساء في مكتب العمل والتوجيه إلى أعمال غير قائمة وأعمال غير ملائمة، ومعالجة تسجيل الرفض وتقديم استئنافات.
3.3. الاتّصال بالجهات المسؤولة
في أعقاب بيان للصحف في مسألة التصرّفات الإشكاليّة لفرع مؤسّسة التأمين الوطنيّ في القدس الشرقيّة، اتّصلت بـِ “معًا” مديرة الفرع، السيّدة إيتي رعنان. في أعقاب عدّة لقاءات ومراسلات مع مديرة الفرع، بدأنا باتّصال مباشر معها، بشأن معالجة ملفّات عينيّة، أو بالنسبة لتغيير الإجراءات والسياسة في الفرع. وبالفعل اعترفت مديرة الفرع مؤخّرًا أنّه لا يتمّ في الفرع تطبيق الإجراء الذي يلزم منح طالبي المخصّصات مصادقة على تقديم الطلبات والمستندات الأخرى- الإجراء الذي يُطبّق في الفروع الأخرى في البلاد.
كما أنّ “معًا” على اتّصال مع مكتب العمل في القدس الشرقيّة، وخاصّةً مع مدير المكتب، السيّد موشيه بيكر. أدّت توجّهاتنا هذه في الوقت إلى نتائج ناجحة لطالبي العمل عامّةً ولطالبات العمل خاصّةً. مع ذلك، يرفض مكتب العمل الاعتراف بوجود مشكلة كبيرة تستدعي تغييرًا في الإجراءات، وبالطبع يرفض الاعتراف بالصعوبات التي يسبّبها بصورة منهجيّة بهدف منع طالبي العمل من الحصول على مخصّصاتهم.
4. إجمال
كما تبيّن الأمثلة التي وردت في هذا الفصل، فإنّ مؤسّسة التأمين الوطنيّ ومكتب العمل لا تقدّمان ردًّا لنسب الفقر والضائقة فحسب، بل يبدو أنّهما يفعلان ذلك عمدًا.
عمليًّا، نتحدّث هنا عن تطبيق سياسة منتهجة منذ سنوات طويلة، هدفها سلب حقوق وخدمات السكّان الفلسطينيّين في القدس الشرقيّة، بطريقة تضطرّهم في نهاية الأمر لترك مناطق بلديّة القدس، وبذلك تغيير الميزان الديمغرافيّ في المدينة “وتهويدها”.
* كتب التقرير إيرز ڤاچنر، مركّز فرع نقابة معًا في القدس ومحامية معا آية برنشتاين. وقد تمّت كتابة التقرير كجزء من مشروع مشترك لنقابة “معًا” وجمعيّة “عير عميم” بتمويل من الاتّحاد الأوروبيّ. يهدف هذا المشروع إلى مساعدة السكّان الفلسطينيّين في مجالات البنى التحتيّة وتحقيق حقوقهم الاجتماعيّة في مواجهة السياسة الإسرائيليّة ونتائجها، من خلال التشديد على ما يحدث في الأحياء التي أُخرجت إلى ما خلف الجدار العازل.
עמודים: 1 2