إضراب العاملين الاجتماعيين أمام دولة خصخصت كلّ مقدّراتها

العاملون الاجتماعيون الذين بدأوا إضرابهم في 6.3 طالبوا بوضع حدّ لخصخصة الخدمات الاجتماعية وترسيخ اتّفاقية جماعية شاملة يتمّ توسيعها بحيث تشمل أيضًا عاملي الجمعيات المخصخصة. وبذلك وضع اتّحاد العاملين الاجتماعيين لنفسه سقفًا اجتماعيًا سياسيًا جديدًا، وإضراب العاملين الاجتماعيين أمام دولة خصخصت كلّ مقدّراتها

 

العاملون الاجتماعيون الذين بدأوا إضرابهم في 6.3 طالبوا بوضع حدّ لخصخصة الخدمات الاجتماعية وترسيخ اتّفاقية جماعية شاملة يتمّ توسيعها بحيث تشمل أيضًا عاملي الجمعيات المخصخصة. وبذلك وضع اتّحاد العاملين الاجتماعيين لنفسه سقفًا اجتماعيًا سياسيًا جديدًا، وإضراب العاملين الاجتماعيين أمام دولة خصخصت كلّ مقدّراتها

العاملون الاجتماعيون الذين بدأوا إضرابهم في 6.3 طالبوا بوضع حدّ لخصخصة الخدمات الاجتماعية وترسيخ اتّفاقية جماعية شاملة يتمّ توسيعها بحيث تشمل أيضًا عاملي الجمعيات المخصخصة. وبذلك وضع اتّحاد العاملين الاجتماعيين لنفسه سقفًا اجتماعيًا سياسيًا جديدًا، وكشف النتائج الوخيمة للرأسمالية النيوليبرالية التي سارت إسرائيل على خطاها خلال 25 سنة بدون عراقيل. في هذه الأيّام، بعد الإضراب الذي حاز على الدعم الجماهيري الهائل، نلاحظ استعدادًا من قِبل الاتّحاد بضغط من الهستدروت للتراجع عن مطلب أمر التوسيع، والتنازل بذلك عن القضية المركزية للنضال. القوى الدينامية التي تجلّت في صفوف العاملين الاجتماعيين والطلاّب الجامعيين الذين يدرسون العمل الاجتماعي يجب عليها الصمود لمنع هذه النتيجة.

حوالي 16 ألف عامل اجتماعي- معظمهم من النساء- هم الذين يتحمّلون الأعباء الاجتماعية الصعبة التي تنعكس في معالجة الفقر والبطالة والإهمال التي تميّز إسرائيل اليوم. عائلات مهمّشة وأطفال في ضائقة وأفراد ذوو احتياجات خاصّة ومسنّون معدمون وشباب وشابّات مهدّدون بالخطر وضحايا العنف داخل العائلة والمجتمع والمدمنون- كلّ هؤلاء يحتاجون إلى العاملين الاجتماعيين في نهاية المطاف.

يتّضح اليوم أنّ آخر حماتنا، هؤلاء الذين ألقينا عليهم الأمور الصعبة التي لا نقدر على تحمّلها في المدرسة وفي الحيّ لا يحظون بأدنى مقابل. الأجر والشروط الاجتماعية التي يحظى بها العاملون الاجتماعيون تعتمد على اتّفاقية الأجور من سنة 1994 التي أُدخلت عليها تعديلات بسيطة. أجر العاملين الاجتماعيين المنخفض والمهين هو الذي أخرج هذه المجموعة من العاملين المهنيين وأصحاب الضمائر إلى الإضراب في مطلع شهر آذار 2011.

إلاّ أنّ الأجر المنخفض ليس هو فقط لبّ المشكلة- الذي يقترب من الأجر الأدنى للعامل الاجتماعي الذي يبدأ العمل بعد أن حاز على اللقب الجامعي. يُضرب العاملون الاجتماعيون أيضًا بهدف وضع حدّ للسياسة الحكومية المتّبعة منذ أكثر من عشرين سنة وتهدّد بتقويض تامّ للخدمات العامّة. يعمل اليوم حوالي %40 من العاملين الاجتماعيين عن طريق الجمعيات والشركات الخاصّة التي أُقيمت في إطار خصخصة الخدمات العامّة. يبيّن استطلاع أجراه د. روني كاوفمان في قسم العمل الاجتماعي في جامعة بئر السبع أنّ %75 من العاملين الاجتماعيين الجدد تستوعبهم اليوم جمعيات ومنظّمات غير حكومية ولا يتم تشغيلهم في مؤسسات الرفاه الحكومية.

حوالي 6000 عامل اجتماعي ليسوا منظّمين، وعمليًا ليس لديهم علاقة باتّحاد العاملين الاجتماعيين، ولذلك لا يخضعون لبنود الاتّفاقيات بين الحكومة والاتّحاد. يعمل هؤلاء العاملون في مؤسّسات خاصّة لا تلزمها اتّفاقية العاملين الاجتماعيين.

الحكومة تدمّر الخدمات العامّة

يشير الصحافي چدعون عيشت (يديعوت احرونوت 10.3) إلى الدلالة المصيرية لإضراب العاملين الاجتماعيين: “اتّحاد العاملين الاجتماعيين هو الاتّحاد المهني الأوّل الذي أدرك خدعة الخصخصة الحكومية ودلالتها من ناحية شروط العمل. لذلك يطالب الاتّحاد بأن يسري ما يُتّفَق عليه بالنسبة لأجر العاملين الاجتماعيين في القطاع العامّ على العاملين في الجمعيات أيضًا. إذا لم يتمّ ذلك، يدرك قادة العاملين الاجتماعيين أنّه بعد عدّة سنوات لن يكون عاملون اجتماعيون في الخدمات الحكومية. جميعهم سيعملون في الجمعيات بشروط مزرية”.

يشير عيشت إلى أنّه بسبب عملية الخصخصة أو ما سمّاها الموظّفون الكبار في وزارة المالية “التوجه الاساسي لسياسة الحكومة” ستنهار الخدمات العامّة في مجال الخدمات الاجتماعية خلال عقد أو عقدين من الزمن.

عملية الخصخصة في مجال الخدمات الاجتماعية تسير بوتيرة سريعة، وكانت في الفترة الأولى خلافات في الرأي بالنسبة لدلالتها. الاستطلاع الذي أجراه البروفسور يوسف كتان سنة 2005 بيّن أنّ الكثير من العاملين الاجتماعيين نظروا إلى عملية الخصخصة نظرة إيجابية. لكنّ الموظّفين الكبار في وزارة المالية لم يكونوا شركاء في البلبلة التي كانت في صفوف الجهات المهنية. في المستوى الحكومي والمجلس الاقتصادي المصغّر (بدون فرق في الطابع السياسي للحكومة) اتّخذوا موقفًا صارمًا رأى في تقليص القطاع العامّ وتقليص الملاكات مبدأً موجِّهًا.

عمليًا منذ سنوات لا يزيدون الملاكات في الخدمات الاجتماعية، بل يحوّلون بالتدريج المسؤولية على مجالات العمل المختلفة إلى مؤسّسات خاصّة تموّلها الدولة.

بدأت الإخفاقات في هذه العملية بالظهور منذ سنة 2008. ونتيجة لذلك قامت وزارة الرفاه بتعيين لجنة برئاسة يكوتيئيل تسيڤع، كانت وظيفتها فحص طرق للقيام بخطّة إصلاح في منظومة خدمات الرفاه الشخصية. توصيات اللجنة التي قُدِّمت لوزير الرفاه في مطلع سنة 2009 شملت عدّة توصيات تشير إلى الحاجة لتغيير اتّجاه العمل. حدّدت التوصيات بأنّ هناك نقصًا دائمًا في الموارد، الذي يعني توفير ردّ جزئي للسكّان الذين يعانون من الضائقة. ثمّة بنية تحتية قانونية قديمة بدون ملاكات واضحة. وهناك وفرة من مزوِّدي الخدمات نتيجة خصخصة أقسام الرفاه، ونتيجة لذلك تحوّلت المنظومة إلى غير ناجعة.

كارثة اجتماعية في الوسط العربي

أشارت اللجنة إلى مسألة أخرى، وهي ظاهرة اللامساواة القائمة في تقديم الخدمات مع التشديد على التمييز الذي يعاني منه الوسط العربي. إلاّ أنّه كمصير التقارير الهامّة الأخرى لم يحدث شيء. الوضع في الوسط العربي بكلّ ما يتعلّق بالخدمات الاجتماعية، يقترب من كارثة اجتماعية. بسبب الزيادة الحادّة في نسب الفقر في الوسط العربي (أكثر من %50 من السكّان مقابل معدّل قطري نسبته %20) طرأ في السنوات الأخيرة ارتفاع حادّ على التوجّهات إلى أقسام الرفاه في البلدات العربية.

حسب تقرير د. أمين فارس (الاحتياجات الميزانيّة للمواطنين العرب عشيّة ميزانية 2008 – تقرير مساواة) تبلغ ميزانية خدمات الرفاه للفرد في الوسط العربي 328 شيقل مقابل 493 شيقل للفرد في الوسط اليهودي. منتدى رؤساء أقسام الرفاه في البلدات العربية أجرى سنة 2007 استطلاعًا وحدّد أنّ هناك حاجة لـ 170 ملاكًا للعاملين الاجتماعيين. حسب هذا الاستطلاع، تضاعف عدد التوجّهات إلى أقسام الرفاه في الوسط العربي في حين بلغ الارتفاع في الوسط اليهودي %30.

في مكالمة هاتفية مع راغب عبّاس- عامل اجتماعي قديم يرأس قسم الرفاه في المجلس المحلّي كفر كنّا، قال إنّ عدد الملفّات المتوسّط التي يعالجها العامل الاجتماعي العربي هو 300 (مقابل 160 في الوسط اليهودي). المجالس العربية أفقر ولا تستطيع أحيانًا استغلال الملاكات القائمة لأنّ عليها حسب القانون، تمويل %25 من أجر العامل الاجتماعي.

اتّحاد العاملين الاجتماعيين غاب عن الحلبة

السؤال الذي يُطرح هنا: أين كان الاتّحاد والهستدروت خلال السنوات الـ15 الأخيرة التي نجحت الحكومة فيها في القيام بانقلاب جوهري في كلّ منظومة الخدمات الاجتماعية؟ خلال هذه الفترة شهدت إسرائيل تفاقمًا في الاستقطاب الطبقي وظهور أكثر من مليون ونصف فقير بكلّ ما يحمله ذلك من معنى. انهيار المنظومة الاجتماعية وشبكة الأمان الاجتماعي تزامن مع خصخصة خدمات كثيرة. في تلك الفترة لم يطالب الاتّحاد والهستدروت فتح الاتّفاقية الجماعية التي تمّ توقيعها كما أسلفنا، سنة 1994. عمليًا منذ تلك الاتّفاقية لم يقم اتّحاد العاملين الاجتماعيين بنضال ملحوظ على مكانته ومكانة الخدمة الاجتماعية.

غياب عمل وقلّة حيلة الاتّحاد والهستدروت في هذا المجال خلال عقد ونصف من الزمن تعكس التوجّه الإيجابي الذي انتهجه قادة الهستدروت تجاه خطّة الخصخصة بشكل عامّ بما في ذلك ممتلكات الهستدروت. عندما باعت الهستدروت الجديدة بقيادة رمون وبيريتس شركة سوليل بونيه بثمن بخس لرجل الاعمال تيد أريسون وتنازلت عن النضال على صناديق التقاعد، التي يجب أن تكون محطّ اهتمام كلّ اتّحاد مهني، من الصعب أن نتوقّع منها الوقوف في وجه خطط الخصخصة في مجالات أخرى.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter

עמודים: 1 2