ميناء حيفا للسائقين- منطقة مهجورة بلا نظام*

حضر مؤخّرًا إلى مكتب نقابة “معًا” في حيفا، التي تنظّم عمّال فرع الشاحنات، سائق كبير في السنّ، وجلس أمام المحامي وأجهش في البكاء. يعمل هذا السائق في الشركة منذ تسع […]

حضر مؤخّرًا إلى مكتب نقابة “معًا” في حيفا، التي تنظّم عمّال فرع الشاحنات، سائق كبير في السنّ، وجلس أمام المحامي وأجهش في البكاء. يعمل هذا السائق في الشركة منذ تسع سنوات، ويعمل أحيانًا في وردية ليلية. قبل بضعة أسابيع توفّي ابنه على أثر نوبة قلبية مفاجئة، وفي أعقاب هذا الحدث الأليم أُصيبت زوجته بكآبة، ولا يمكنها البقاء وحدها في الليل. طلب السائق من الشركة عدم تشغيله في وردية ليلية بصورة مؤقّتة ليتسنّى له مساعدة زوجته. منذ تلك اللحظة أخذ ضبّاط نظام الشركة بالتنكيل به، والمدير صرخ بوجهه ونعته بالجنون، ولم يعطه عملاً خلال عدّة أيّام، وفي نهاية الأمر فصله من العمل. والآن عليه مواجهة فقد الابن وفقدان مصدر رزقه وفقدان الوهم بأن يتعامل المشغّل معه أفضل ممّا يتعامل مع أداة تقود الشاحنة لجني الأرباح.

هل هذا قانوني؟ بالطبع لا! كثير من الأمور التي تحدث في فرع النقل لبست قانونية، لكن من يكترث لهذا؟ القيادة لأكثر من 12 ساعة في اليوم ليست قانونية، لكن هكذا جرت العادة، ومن يرفض يُفصل من عمله. من يصل إلى بوّابة حيرم في شاطئ شيمن، أثناء الازدحام المروري الكبير، في الوقت الذي تنتظر عشرات الشاحنات دورها للدخول إلى الميناء ساعة أو أكثر، بإمكانه الاستماع هناك للكثير من القصص المفزعة، باللغة العبرية وباللغة العربية وباللغة الروسية، أحداثها متشابهة تمامًا، لأنّ هناك مساواة وعدم تكافؤ فرص في الفقر والاستغلال لليهود وللعرب وللقادمين من الاتّحاد السوڤياتي سابقًا.

ولم نتحدّث بعد عن تصرّفات المشغّلين عندما يحاول السائقون إقامة لجنة لهم؛ يفعلون كلّ شيء! بدءًا برجاء السائقين والتهديد بأنّهم على وشك الإفلاس واتّصالات من زوجة صاحب الشركة بالسائقين بأن يشفقوا على زوجها، وإغراءات بمنح قروض (وكلّ السائقين بحاجة لهذه القروض) وحتّى الصراخ والاعتداءات الجسدية والمهانة والفصل. وهذه المسألة هي موضوع لمقال آخر.

روح الحراك الاحتجاجي لم تصل السائقين، وفي بوّابة حيرم يخيّم اليأس والإهمال. لكنّ هذا الوضع لن يستمرّ إلى الأبد، ولن تنعم به شركات النقل (التي أكبرها تتبع لرجل الأعمال الرأسمالي نوحي دنكنر) إلى ما لا نهاية. سيأتي يوم يتخلّص فيه السائقون- اليهود والعرب والروس- من خوفهم ويستعيدون كرامتهم واحترامهم لنفسهم، وعندها ستتحوّل بوّابة حيرم من جحيم إلى مكان إنساني ومثير للمشاعر كسائر المواقع السياحية الجميلة في حيفا.

[sub]*كُتب المقال بقلم ميخال شفارتس لمجلّة روتيت للثقافة الحيفاوية.[/sub]

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter

עמודים: 1 2

תגיות: