كان اسمه “خير” ولكن لا خير انتظره في ذلك اليوم الذي لقي فيه مصرعه في حادث عمل. كان خير خلايلة، من دير حنا، في الخامسة والثلاثين من العمر، متزوجا واب لولد وزوجته حامل بالطفل الثاني، عندما قُتل في حادث عمل في قرية عرابة يوم السبت 16 تشرين ثان أثناء عمله في ورشة بناء. تسببت الوفاة عن سقوطه من الطابق الرابع الى داخل حفرة في أرضية عمارة لا تزال في طور البناء.
لمواساة أهل الفقيد زار وفد من نشطاء نقابة معًا العمالية بيت العائلة في دير حنا، وهناك التقى بالوالد ابراهيم خلايلة (ابو جهاد) الذي أفنى حياته في العمل بمجال البناء، كما التقى بشقيق المرحوم، جهاد، الذي تواجد في مكان الحادث. رافق الوفد الخبير في مجال الوقاية سليمان خلايلة وحسين سلامة من قرية المغار المجاورة والناشط في اطار النقابة.
استمع الوفد النقابي لشهادة جهاد الذي عمل مع شقيقه في شركة بناء السقائل، اذ قال انه في ذلك اليوم كان المرحوم خير ينقل القطع داخل العمارة، وللحظة انتبه لغياب اخيه: “سألت الشباب الذين عملوا معنا إن كانوا قد رأوا خير، ولكنهم قالوا انهم لم يروه من مدة. عندها شعرت ان شيئا خطيرا قد وقع. دخلت من السقالة عبر النافذة الى العمارة ورحت اناديه ولم يأت أي جواب. وسرعان ما اكتشفت الحفرة في الطابق الرابع وكانت مفتوحة دون أي سياج خلافا لما هو مفروض، نظرت الى الأسفل فرأيت خير ممددا على الأرض دون حراك. أسرعنا جميعا إلى الطابق الثاني ولكني وجدته بلا نبض وفهمت عندها بأنه فارق الحياة”.
يذكر ان الاخوين خير وجهاد عملا ضمن شركة لتركيب السقائل، وكانت مسؤوليتها تركيب السقائل بعد الانتهاء من بناء العمارة بشكل أولي، العمل في المكان يوم او اثنين ثم العودة لتفكيك السقائل بعد انتهاء العمال من عملية القصارة والحجر. المسؤولية الاساسية عن الأمن والسلامة في مكان العمل تقع على مدير العمل في الشركة التي تبني العمارة. ولا يعفي ذلك من المسؤولية عن مراعاة تعليمات الوقاية أي طرف او مقاول يدخل عماله للعمل في الورشة بإذن من المدير الرئيسي.
حسب تعليمات الأمن والسلامة في فرع البناء يجب تسييج كل مكان يصل ارتفاعه ويزيد عن مترين، بواسطة جدار واق، وحسب شهادة الأخ جهاد لم تكن الحفرة التي وقع منها اخوه مسيّجة كما يجب، رغم ارتفاعها الشاهق.
في الحديث الذي دار في منزل العائلة قال والد الفقيد (أبو جهاد) أن الحادث هو قضاء وقدر، غير ان سليمان خلايلة، وهو ابن العائلة ويشغل منصب مسؤول عن الوقاية في مجال البناء، خالفه الرأي واكد انه: “لا يجوز ان نرى في الحوادث قضاء وقدرا، فنحن نعلم ان 75% من حوادث العمل كان بالإمكان منعها لو تم الالتزام بتعليمات الوقاية بشكل لائق”.
وافق الجالسون على هذا الرأي، ولكنهم ابدوا استياءهم من ان ظروف العمل في فرع البناء للأسف لا تزال تسبب آلاف الحوادث التي كان بالإمكان منعها ولا يرون السبيل الى منعها. بين الحضور كان خمسة رجال عملوا في مجال البناء عشرات السنين. جميعهم لم يفاجَؤوا بالاحصائيات من العام الماضي التي اشارت الى ان الوفاة في حادث عمل بسبب السقوط عن علو شاهق كانت نصيب 24 عامل بناء من اصل 31 عامل بناء قتلوا في حوادث عمل، وهؤلاء هم اكثر من 50% من مجمل العمال الذين قتلوا في حوادث عمل في مجالات العمل المختلفة والذين وصل عددهم الى 60 عاملا. )للاطلاع على التقرير الكامل: تقرير المفتش المسؤول عن الوقاية في وزارة الاقتصاد).
עמודים: 1 2