نشهد في الأشهر الأخيرة ضغطًا من جانب نساء عربيّات لا يملكن أيّة مهنة يبحثن عن عمل في مكتب نقابة العمّال “معًا” في باقة الغربيّة. وفاء طيّارة، المسؤولة عن مشروع النساء والزراعة التابع لنقابة العمّال “معًا”، صرّحت أنّه في أعقاب نشر إعلان يعرض عملاً في معمل كبير للتغليف في مواقع إنترنت محلّيّة، تتلقّى منذ عدّة أسابيع لا أقلّ من 60 مكالمة هاتفيّة في اليوم، وأنّها لم تصادف استجابة كهذه من قبل.
نشهد ظاهرة جديدة وهي أنّ عددًا كبيرًا من الباحثات الجديدات عن عمل هنّ نساء متزوّجات منذ فترة قصيرة وأمّهات لأولاد صغار، ولأوّل مرّة هناك توجّهات أيضًا من أمّهات حديثات السنّ من أمّ الفحم، التي لم يعتدن النساء من سكّانها على البحث عن عمل خارج البلدة. يعود سبب هذا الضغط، كما نرى من المكالمات الهاتفيّة، إلى الضائقة الاقتصاديّة المتفاقمة ومن انتشار الفقر.
يستوعب معمل التغليف مئات عاملات عربيّات لنصف سنة، لكنّ عدد التوجّهات يتعدّى عدد أماكن العمل المقترحة. طيّارة قلقة من أنّه بعد انقضاء موسم التغليف في شهر آذار، ستجد صعوبة في العثور على أماكن عمل بديلة للنساء اللواتي عملن في معامل التغليف، بسبب أنّ فرع الزراعة يشغّل عددًا كبيرًا من العمّال التايلنديّين، الذين يعملون مقابل 14 شيقل في الساعة، ويحتلّون حوالي %60 من أماكن العمل في الفرع. يشذّ عن هذه القاعدة معامل التغليف، التي يُحظر فيها تشغيل عمّال أجانب، الأمر الذي يوفّر آلاف أماكن عمل للنساء لفترات تمتدّ لنصف سنة. انه اثباتا واضحا بان الادعاء بان النساء العربيات لا يرغبن بالخروج للعمل بسبب التقاليد هو ادعاء كاذب وانه اذا توفر مكان عمل مضمون الذي يدفع اجور قانونية حتى لو لفترة نصف السنة فسيجد الاف النساء المستعدات للعمل به.
المشاركة القليلة للنساء العربيّات في سوق العمل، التي تتراوح بين %22 وَ %27 بحسب تقديرات مختلفة، هي أحد الأسباب الرئيسية لكون نسبة %60 من المجتمع العربي تحت خطّ الفقر. معظم النساء العربيّات اللواتي يعملن هنّ من الأقلّيّة التي حصلت على تعليم عالٍ، في حين لا تملك الأغلبيّة الحاسمة أيّة مهنة، ولا ينجحن في العثور على عمل. ناهيك عن انه حتى النساء الاكاديميات تعاني ايضا من حالة البطالة وتواجه صعوبات كبرى في ايجاد فرص عمل ثابتة وحقيقية.
يبلغ أجر العاملة التي تعمل بأجر أدنى حوالي 50,000 شيقل في السنة. يمكن لقرار حكوميّ أن يتيح دخول 20,000 امرأة عربيّة إلى سوق العمل، بان يساهم بزيادة مبلغ مقداره مليار شيقل في السنة للاقتصاد العربي وبشكل غير مباشر على الاقتصاد الإسرائيليّ. الحكومة تتحدث كثيرا عن الاستثمارات في الوسط العربي ولكنها على ارض الواقع تستثمر فقط 160 مليون شيكل في السنة في مشاريع التطوير الخاصة (مشروع تطوير لخمس سنوات شمل 800 مليون شيكل خصص لتطوير المواصلات والبنية التحتية في 12 بلدة عربية)
لو واجهت الحكومة الضغوط من قبل المزارعين وشركات القوى البشرية وقامت بتنفيذ قراراتها، وقلّصت تدريجيًّا عدد العمّال التايلنديّين، كما حظرت تشغيلهم في معامل التغليف، لكان من الممكن استيعاب عشرات آلاف النساء العربيّات للعمل في الزراعة. وكان ذلك يؤدي تلقائيا الى مساهمة مضاعفة للاقتصاد المحلي والتي تزيد 6 اضعاف عن المخطط الحالي الذي لا يتعدى النقطة في بحر الفقر والاهمال والتمييز.