الموسيقى التي جمعت ما بين عمال فلسطينيين في المنطقة الصناعية “ميشور أدوميم” ومعلمي الموسيقى والفنون من كليات إسرائيلية وعاملات زراعة عربيات من المثلث، لعبت الدور الأساسي في مناسبة الأول من أيار لنقابة العمال “معاً”، ورفعت معنويات ناشطي “معاً” وأعضاء اللجان الذين اجتمعوا في “بيت هيوتسر” في ميناء تل أبيب يوم السبت 30.4. وأثبتت هذه الأمسية المميزة أنه من الممكن خلق ثقافة جديدة، جامعةٍ ومثيرة لحماسة الناس الذين يناضلون من أجل كرامتهم كعمال، لا فرق إن كانت لغتهم الأم هي العربية أو العبرية، وتخلق تعاوناً مفاجئاً ونابضاً بالحياة.
ليس مصادفة أن تلعب الموسيقى دوراً مركزياً في المناسبة. فهي قد كانت بالأساس للأحتفال بالتوقيع على الاتفاق الجماعي الذي حققته نقابة معاً مع لجنة عمال المركز الموسيقي في رأس العين في كانون الثاني المنصرم بعد سنتين ةنصف من النضال، والذي تضمّن اعلان نزاعات عمل، إضرابات، عرض موسيقي إحتجاجي وصراع قضائي.
لإخراج المناسبة عمل الموسيقيون يوسي مار-حاييم (عازف بيانو) من كلية المصرارة، كوبي هجوئيل (عازف إيقاع) من مركز الموسيقى في رأس العين وبمساعة من روتي أمانو (بيت بيالك سابقاً). ولكن حتى هم ما كانوا ليتوقعوا لحظة الذروة في المناسبة، حين قام عازف الساكسفون جس كورن الذي عزف مع كوبي هجوئيل ومع عازف البيانو يوسي مار حايم بدعوة عازف الكمان محمد موسى خلف من جت والذي أثر في عزفه قلوب الحاضرين، للارتجال على المنصة ولخلق لغة موسيقية مشتركة.
الموسيقى كانت جمبلة، جمبلة جداً. وصلة الناي التي قدمتها أوريت جوري بمرافقة عازف الطبول كوبي هاغوئل لامست القلوب، ألون هراري مغني الالط وأفيحاي يعكوبيان (عازف بيانو) في وصلة أوبرا وقصيدة للشاعر ليونارد كوهين فاجأت وسحرت الجمهور، ومغني الأوبرا يوتم كوهين – تينور- أدهش الحضور بصوته الهادر حين أنشد “كيف يحيا الأنسان جيداً” للشاعر برتولد برخت وكورت فييل برفقة عازف البيانو يوسي ما حايم.
الطريق الطويل للوصول إلى اتفاق جماعي لخصته عضو اللجنة أوريت جوري (عازفة ناي)، وروت كيف تحوّل مدرسو الموسيقى في اسرائيل تدريجياً إلى قوّة عمل رخيصة يتم تشغيلهم من قبل شركات القوى البشرية، كيف أن نضالاً شاركت به قبل 16 سنة انتهى إلى فشل مرير، ولخصت أسباب نجاح النضال الحالي:
“السبب الأول يمكن إرجاعه إلى الاحتجاج الشعبي الذي كان عام 2011 والذي طرح وضع عمال المقاولين الموسميين للرأي العام. فجأة صار عندنا تضامن ودعم ومساندة من الطلاب، من الأهل والأصدقاء. الأمر الثاني هو صمود المدرسين، وهذا لم يكن سهلاً. كثيرون من مدرسي الموسيقى هم من القادمين الجدد من روسيا، كبار في السن كانوا على استعداد للعمل بكل ظرف، وكان خوفهم من الفصل كبيراً جداً. ولكن حصلنا على ثقتهم وصوّتوا مع النضال. الأمر الثالث، الطاقم الذي قاد المفاوضات. بفضل الإستقامة والتواضع وحقيقة أنهم لم يفكروا بأنفسهم، إنما بما هو أفضل لكل المدرسين. كنا واقعيين جداً، وفهمنا حدود قوتنا، لأنه من الصعب جرّ مدرسي موسيقى إلى الحرب. لذا هنالك فجوات كبيرة بين ما نستحقه وما نأخذه. على سبيل المثال اتفقنا على عطلة مدفوعة الأجر في نصف شهر آب، ولكننا فتحنا الطريق. والأمر الأهم هو مرافقة نقابة “معاً” لنا. لقد ساروا معنا يداً بيد، ورافقونا في كل رسالة وفي كل خطوة، أحياناً حين كنا نتعب، دفعونا للإستمرار، وقد فعلوا ذلك بحرفية ونجاعة”.
עמודים: 1 2