دحلة: “زد على ذلك أن الأجر الرسمي الذي يتقاضاه العمال هو عادة الحد الأدنى للأجور حيث يتفق المقاول مع العمال على قسائم أجر منخفضة للتهرب من الضريبة ومن تكاليف أخرى ويقوم بتعويضهم من خلال أجر “أسود” لا يسجل في قسيمة الأجر. النتيجة هي أنه حتى في حالة حصول العامل على حقوقه فسيكون ذلك مبنيا على أجر منخفض وفي النتيجة ستكون التعويضات أقل بكثير من المبلغ الحقيقي الذي يستحقه هذا العامل.
آفة المقاولين الفرعيين
يعكس هذا الارتباط العضوي بين العمال والمقاولين تركيبة قوة العمل والتحولات البنيوية التي مر بها فرع البناء في إسرائيل خلال 30 عام. فبدل التشغيل المباشر من قبل شركات البناء الإسرائيلية الكبرى الذي تميز بشروط عمل جيدة ونظام عمل حمى العمال إنتقل فرع البناء منذ تسعينيات القرن الماضي إلى التشغيل بواسطة المقاولين الفرعيين. في الواقع فإن شركات البناء الكبرى لا تشغل اليوم العمال بل تنقل التنفيذ الفعلي إلى مقاولين فرعيين مما يعزز سيطرة هؤلاء المقاولين الصغار على العمال وهيمنتهم شبه التامة عن شروط العمل.
عن شروط العقود بين الشركات الكبرى وبين المقاولين يقول السيد حسن شولي، مسؤول الآمان في العمل الذي يعمل في فرع البناء منذ أكثر من 25 عاما: “الوضع الحالي في فرع البناء خطير ومقلق. المقاولون الفرعيون الذين يتنافسون بين يعضهم للحصول على المناقصات مضطرون لقبول العمل بأسعار زهيدة ومضحكة. في الكثير من الحالات يصل المقاول إلى حالة أزمة ويوقف العمل في نصف الطريق لأنه لا يستطيع الصمود أمام شروط الدفع – تأجيل الشيكات بشهور – أو لأي سبب فني آخر. واضح بالنسبة لي في هذه الحالة لماذا يتم تشغيل العمال بطرق غير رسمية ودون حقوق اجتماعية ودون قسيمة أجر حقيقية. في طبيعة الحال يستحيل في هذه الظروف أن يوظف المقاول الفرعي الموارد الضرورية للحفاظ على قوانين وأوامر الوقاية والكثيرون يتنازلون عن الحاجة لإرشاد العمال بشكل صحيح ولتخصيص قوة عمل كافية في كل ورشة لبناء وصيانة الجدران الواقية والسقايل ونظافة الورشة وضمان سلامة العمال الآخرين.”
فرضة للعمال لاسماع صوتهم
عندما نفهم أن زيادة الحوادث هي أمر كان يمكن منعه من خلال تغيير أسلوب العمل سيكون واضحا لماذا يجب أن نرفض الاعتقاد الراسخ لدى العمال بأن حوادث العمل هي نتيجة القضاء والقدر. إن الحملة الإعلامية التي بدأت في الفترة الأخيرة يجب أن نراها كفرصة لكي ننفض الغبار ونرفع صوت عمال البناء عالياً. هناك عدد كبير من العمال الذين يشاركون في هذه الحملة ويشاركون الأخبار في صفحات الفيسبوك المختلفة الخاصة في قضايا حوادث العمل وذلك يدل دون شك عن بداية التغيير وعن شعور العمال بأن صرختهم مسموعة وسيكون لها صدى.
يجب ان ندرك بإن السكوت والتراجع أمام الضغط العائلي هو فخ وسينتج عنه المزيد من المآسي. نحن نعيش في العصر الحديث في عام 2016 ونقترب من 2017 وكل عامل يحمل بيده هاتف حديث يمكّنه من تسجيل وتوثيق كل ما يدور في الورشة. لا يمكن أن يقبل هذا العامل بتصرفات وعادات -تليق بالقرون الوسطى- تُخضع حياته ومصيره للحَمولة أو للعائلة. حان الوقت لوقف التضليل بحق عمال البناء وكرامتهم.
עמודים: 1 2