بخلاف أغلبية النقابات العمالية والمهنية في إسرائيل التي تسكت إزاء سياسة الطرد لللاجئين الأفارقة، ترى نقابة معًا العمالية بأن المعركة من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان وحق الشعب الفلسطيني لا يمكن فصلها عن بعضها البعض، ولذلك نعارض بشدة طرد اللاجئين ضمن سعيها لبناء مجتمع متساو وخال من العنصرية والاحتلال.
قرار الحكومة الاسرائيلية القاضي، بطرد اكثر من 30 الف لاجئ من السودان، ومن أريتريا الى خارج البلاد، اثار في الشهور الاخيرة نقاشا ساخنا في اسرائيل. وقد تجند ضد القرار عشرات الاف من الاسرائيليين، الذين يشاركون في مظاهرات، وتقديم العرائض والالتماسات القانونية، بهدف عرقلة عملية الطرد التعسفية، وابقاء هؤلاء اللاجئين في البلاد. (حول ماهية القرار هنا).
السياق السياسي لهذا القرار الجائر، المنافي لأسس القانون الدولي الخاص بطالبي اللجوء السياسي، واضح وضوح الشمس. الحكومة اليمينية المتطرفة، التي يقودها نتانياهو، تسعى لتأجيج الكراهية لكل من هو ليس يهوديا، وتعمل ليل نهار بتعميق الإنقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، بين الشرائح الشعبية المتدينة، التي تدعم اليمين، وبين الشرائح الوسطى الليبرالية التي تنتقد الحكومة وتطالب بإزالة الإحتلال وتسعى إلى تنحّي نتانياهو.
صمت النقابات المهنية:
ازاء ذلك نرى صمت النقابات المهنية شبة المطلق (نقصد هنا الى نقابة الاطباء، ونقابتي المعلمين والنقابات العامة مثل الهستدروت وقوة للعمال). في الوقت الذي يتجند به أكثر من ألف طبيب وممرضة، للتوقيع على عريضة ضد الطرد بادرت اليها جمعية الأطباء من أجل حقوق الإنسان ( انظر هنا) ويقف مدراء مدارس ومعلمون أيضًا ضد قرار الحكومة ونادو بضرورة إستيعاب اللاجئين إمتنعت نقابتي الاطباء العامة، ونقابة المعلمون، عن إتخاذ أي موقف وكأن القضية تتعلق بشأن خارجي بدولة أجنبية.
من جانبها نقابة الهستدروت العامة، ( اكبر نقابة عمالية في اسرائيل)، وضعت التزاماتها السياسية، وعلاقتها الجيدة مع الحكومة، وسعيها للمحافظة على الإجماع القومي الإسرائيلي، وعدم إثارة الخلاف الداخلي مع عناصر اليمين المتنفذة في قيادة الهستدورت، مكان الاولوية على حساب العدالة الاجتماعية. ومنذ حوالي عشر سنوات أصبحت الهستدروت حليفًا لحكومات نتنياهو المتعاقبة.
في هذا السياق قام رئيس الهستدروت في عام 2009، السيد عوفر عيني، بمبادرة لإدخال حزب العمل بقيادة إيهود براك الى حكومة نتانياهو ومنذ ذلك الحين، تحتفظ قيادة النقابة بعلاقة عمل مع الحكومة، علما بان وزير المالية الحالي، السيد موشيه كحلون، له علاقة خاصة مع زعيم الهستدروت الحالي السيد افي نيسانكورن وقد تجلى ذلك في الانتخابات الاخيرة للهستدروت (ايار 2017) حين انضم أنصار حزب “كلنا” (بقيادة كحلون) الى التحالف المؤيد لنيسانكورن لقيادة الهستدروت.
إن دعم الهستدروت، لحكومات نتانياهو المتعاقبة، وسكوتها على خط نتانياهو الحربي والعنصري وتقويضه لاية فرصة للسلام، كان له دورًا هامًا في تعميق النزعات اليمينية والمتطرفة في الشارع الإسرائيلي في السنوات الاخيرة. فمن يدعم الإحتلال والقمع الوحشي وإستفزازات نتانياهو بوجه العالم، بكل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني، وهجومه على الحريات العامة وعلى المحكمة العليا، لا يصعب عليه أن يوافق أيضًا، على طرد عشرات آلاف اللاجئين الى إفريقيا.
قوة للعمال – هل هو بديل ديمقراطي ؟
نقابة “قوة للعمال” (كواخ لعوفديم) تدّعي بانها البديل الديمقراطي للهستدروت، لكنها تمتنع من إتخاذ موقفًا حازمًا بوجه اليمين، وحتى موقفها من موضوع طرد اللاجئين بقي غامضًا. فمنذ تاسيسها عام (2007) من قبل بعض الناشطين المقربين من حزب ميرتس، ويسار حزب العمل، تمكنت قوة للعمال، من استقطاب عناصر يسارية في المجتمع الاسرائيلي، علمًا بأن موقع النقابة يحدد احدى اهدافه المركزية “بالسعي الى بناء العدالة الاقتصادية والاجتماعية، ودولة الرفاه الاجتماعي والديمقراطية في عالم العمل”.
غير ان ما نراه على أرض الواقع، هو تراجع مستمر من قبل هذه النقابة أمام الميل اليميني المتطرف في المجتمع الإسرائيلي. ويتبين ذلك من خلال تمويه الرسالة السياسية وتجاهل موضوع الإحتلال بإعتباره موضوعًا ثانويًا، وليس جوهرياً. وجاء قرار طرد اللاجئين ليكشف تذبذب موقف “قوة للعمال” إذ أنها إمتنعت لفترة طويلة عن إبداء أي رأي في الموضوع وأصدرت في أواخر شباط بيانا غامض اللغة عبر عن معارضة لطرد الاجئين لكن دون أن يضعه في سياقه كجزء من سياسة الحكومة اليمينية.
التصدي للعنصرية ضروري
עמודים: 1 2