أعلن رئيس نقابة الهستدروت، آفي نيسنكورن، بالأشهر الأخيرة من على جميع المنابر الممكنة، عن قلقه على امن و سلامة عمال البناء، حتى انه أعلن عن إضراب عام في سوق العمل بهدف تحسين حالة عمال البناء ومحاربة ظاهرة حوادث العمل.
الان نشرت صحيفة “غلوبس”، إنه وبالتوازي مع إستمراره بتعميم الكلام عن آمان العمال، كان يدير المفاوضات مع اتحاد المقاولين، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف الى التوقيع على إتفاقية جماعية ضد العمال.
وفق الخبر الذي نشرته “غلوبس” (27.11)، وقعت نقابة الهستدروت مع إتحاد المقاولين إتفاقية جماعية التي سوف تتيح للمقاولين جباية غرامات تساوي بقيمتها ما يعادل أجر 3 أيام عمل (اكثر من 1000 شيكل) من كل عامل لا يلتزم بتوجيهات المقاول، الخاصة بموضوع الآمان في العمل .
في هذا الصدد يجب التنبيه بأنه القانون يمنع من المُشغلين خصم اي مبلغ من أجر العامل، الا اذا أُعتمد باتفاقية جماعية. ويعني ذلك إنه في حالة توقيع النقابة على إتفاق جماعي من المقرر ان يحصل العمال بموجبه على إنجازات مالية ملموسة. في هذه الحالة قد يصبح منطقيا إعطاء “مقابل” موافقة على اقتصاص الغرامات من رواتب العمال، بظروف وشروط معقولة.
لكن في الإتفاق الذي وقعته الان الهستدروت ليس هناك أي إنجاز للعمال، بل كل ما فيه هو انما مد ذراع إضافية لرواتبهم. كما هو معلوم، الكثيرون من عمال البناء هم فلسطينيون من مناطق الضفة الغربية، الذين يضطرون لدفع آلاف الشواكل شهرياٍ لسماسرة ليس لهم أي دور في سوق العمل وذلك بتغاضي متعمد من قبل السلطات الرسمية.
وترفض الهستدروت بأن تأخذ أية مبادرة لإلغاء هذه الحالة المجحفة بحق العمال الفلسطينيين وتزيد على ذلك اليوم الموافقة على إقتصاص مئات الش كغرامات من رواتب ذات العمال. إنه تصرف ظالم لا يمكن القبول به.
الخلل الواضح هنا يكمن بكون المقاولون لا يتحملون مسئولية أي عبىء مادي بسبب المخالفات الخطرة والتي تعرض حياة العمال للخطر. فمن ملايين شواكل الغرامات التي فرضت حتى اليوم من قبل وزارة العمل على المقاولين عقب مخالفات لقوانين الآمان، دفع المقاولون الاف معدودة فقط، وكان ذلك بعد مسارات قضائية طويلة.
تطبيق قواعد السلامة والامان في ورشات البناء، عليه ان يبدأ من عند المستثمرين والمقاولين. فإن الذي يسمح بتشغيل عمال بدون معدات الحماية، ويرفض وقف العمل عند وجود نقص بهذه المعدات هو المقاول ولذا، يجب فرض الرقابة والغرامات عليه وليس على العمال.
ان الاتفاق الجماعي الجديد، يجرد مصطلح ” الاتفاق الجماعي” من معناه، لأنه يخالف واجبات نقابات العمال تجاه العمال عند التوقيع على إتفاق جماعي بإسمهم.
يدار فرع البناء منذ سنوات عن طريق مقاولين ثانويين. النتيجة هي ان العمال يتعرضون لإستغلال بشع، ويعملون دون أية ضمانات في مكان العمل، وبدون أي تأهيل مهني، وفوقها، المَس برواتبهم وحقوقهم.
نقابة الهستدروت التي وحدت في الماضي الغالبية الساحقة لعمال البناء، ساهمت بهدم العمل المنظم في العقدين الاخيرين، كما وأتاحت الفرصة أمام نقل العمل في فرع البناء الى نظام المقاولة الفرعية المدمر. ولطبيعة العلاقة التكافلية بينها وبين إتحاد المقاولين، لا تريد ولا تستطيع أن تقوم بأية خطوة تؤدي الى زعزعة الواضع القائم.
على عكسها فان نقابة معاً العمالية تعمل في الميدان منذ سنوات بشكل ممنهج ومستمر من أجل تطوير الوعي العمالي، حثهم على حماية أنفسهم والمطالبة بحقوقهم ومن أجل محاربة حوادث العمل.
ضمن مجهودها في هذا المجال تقوم نقابة معاً بدور مركزي في تطوير إئتلاف منظمات المجتمع المدني الفعالة ضد الاهمال الجنائي بحق عمال البناء. هكذا تُبنى نقابة عمالية في الميدان وليس من خلال تصريحات للإعلام.
في هذا المعركة لم يسبق لنا ان رأينا الهستدروت في أية مجهود بخص العمال وحقوقهم، فهي تفضل عقد صفقات مع الحكومة والمقاولين بهدف جذب العناوين الصحفية وتعمل من وراء ظهر عمال البناء بدون الإهتمام لهم او استشارتهم.
هذا ما حدث الان في التوقيع على الإتفاق الجماعي المخجل مع المقاولين، وهذا ما حدث عندما وقعت الهتستدروت الإتفاقية مع وزارتا المالية والعمل قبل أسبوعين. ربما محبذ للهستدروت عدم التدخل بشؤون عمال البناء التي لطالما ا تتدخل بقضيتهم دون أي تفهم لاحتياجاتهم، وتفعل فقط لاعتباراتها ومصالحها السياسية الضيقة.