كانت هذه هي المرة الأولى التي تكرس فيها نقابة العمال معًا وجمعية سنديانة الجليل يوم المرأة العالمي للاقتصاد الأخضر والاستدامة. الاحتفال الذي جرى تنظيمه في 9.3 في المسرح العربي العبري -السرايا في يافا، ركّز على الانتقال للطاقة المتجددة والزراعة المائية.
قسم من عشرات النساء التي شاركت في الاحتفال من منطقة المثلث كن قد بدأن في شهر كانون ثان الماضي دورة في الهيدروفونيكا او الزراعة المائية، وتعتبر هذه الخطوة ثورة في وعي النساء خاصة انهن ابدين جدية والتزاما تجاه الدورة التعليمية. وهكذا تنضم هذه المجموعة من النساء الى هذه الثورة التي تجمع نساء من العالم وتقود حركة من اجل التغيير الاجتماعي والتكنولوجي التي من شأنها انقاذ المجتمع من التلوث والعنف، وتغيير العالم الى عالم يتعاون أفراده بدون حدود ولا أسوار.
وقد قامت وفاء طيارة بعرافة الاحتفال، وهي المسؤولة عن مشروع النساء والعمل في المثلث من قبل نقابة معًا. وفاء طيارة وناشطات اخريات في سنديانة الجليل تشاركن في دورة من اجل الاستدامة بهدف خلق نساء قياديات عربيات ويهوديات تهدف للنضال المشترك من اجل جودة البيئة.
تطرقت طيارة للربيع العربي الذي عاد لينهض من جديد في الجزائر، مصر، السودان وبكل العالم العربي. وقالت: “النساء شريكات كاملات في النضال، النضال ضد الأنظمة الدكتاتورية، الفساد وقمع النساء”. “هن شابات ثائرات الحالمات للخروج من دائرة التخلف التي يرزح تحتها العالم العربي، ويطمحن للاندماج في الثورة التكنولوجية في القرن ال-21. تريد النساء إسقاط الأنظمة القمعية الي تحول دون تطبيق الديمقراطية والتطور، وتقف حجر عثرة أمام مستقبل الشعوب. مثل هؤلاء النساء، نحن نناضل ضد قمع النساء، ضد الإحتلال والعنصرية، ونرى المستقبل المشترك للإسرائيليين والفلسطينيين في دولة ديمقراطية واحدة تمنح سكانها المساواة، التامة، وتتبنى إقتصادًا أخضر”.
وقد شارك أيضا أشرف يحيى المؤسس والمدير لشركة “سيراج للطاقة الشمسية المتجددة” في كفر قرع، والذي تعلم هذا الموضوع في المانيا قبل 25 عام. وقد فسر يحيى ان الطاقة الشمسية تحتل الاجندات العالمية والمحلية على ضوء الإحتباس الحراري وإرتفاع درجة حرارة الأرض، وربط بين هذا الإرتفاع وإنتاج الطاقة الكهربائية التي تعتمد على النفط والغاز الملوثان للكرة الأرضية. وأضاف “ان الحل الوحيد يكمن في التوجه نحو الطاقة الشمسية التي لا تلوث البيئة اطلاقا”.
وشرح يحيى بفخر كيف ساهمت شركته بمد البيوت في القرى غير المعترف بها في النقب بالكهرباء الشمسية، والتي لم تكن تملك الكهرباء قبلها. وقال: “افخر اليوم بالقول ان 250.000 الف انسان في البلاد والعالم يحصلون اليوم على الطاقة من الواح شمسية قامت شركة سيراج بتركيبها. وقال ان غالبية المستهلكين قد سددوا القروض الأولية ويحظون منذ سنوات بكهرباء مجانية. يعتبر الاستثمار في الالواح الشمسية، مسارا سهلا جدا، ويعيد نفسه بعد 6 سنوات، و91% منه يدوم لاكثر من 25 سنة.” هذه المعلومات اذهلت الجمهور وأبدت النساء الاهتمام لمعرفة المزيد عن الموضوع.
المتحدثة الثالثة كانت سهراب مصاروة من باقة الغربية، والتي كانت بلا شك عامود الأمسية! وتدير مصاروة المشروع التجريبي في معًا وهو الزراعة الهيدروفونية او المائية. وتدرس مصاروة للقب الثاني بموضوع البيئة في جامعة تل ابيب. وتدرًس في كلية القاسمي موضوع الفضاء. “سأعترف انني وكامرأة عربية تلبس الحجاب، نقطة انطلاقي هي سيئة جدا” قالت ضاحكة، وعلى الفور جذبت انتباه وقلوب الحضور. “انا امرأة أولا وأخيرا، وارى في كل إمرأة حضرت اليوم للمشاركة في هذه الأمسية ثورة بحد ذاتها”. وأضافت ” كنت أقول في نفسي لماذا اتعلم اذا لم يكن بمقدوري التأثير في مجتمعي؟ اردت تعليم الأطفال في الحضانات بانهم عندما يجلسون على الأرض لا يفكرون بان التراب سيوسخ ملابسهم انما يفكرون كيف ينبت الطعام الذي يأكلونه”.
وقدمت مصاروة شرحا حول الزراعة المائية وقالت انها الرد او الحل ازاء التوقعات المقلقة بأزمة نقصان الغذاء التي ستواجه سكان العالم مع الاقتراب من عام 2020. اذ تعبر الزراعة المائية رخيصة التكاليف فهي تحتاج القليل من الطاقة وبدون اسمدة. “تعلم كل واحدة منا انه إذا أرادت ان تطرح فكرة جديدة في قريتها ستصطدم بحائط وسيكون عليها تحطيمه، وأنا قررت ان أبدأ مشروعي التجريبي الأول في الحضانة التي تديرها أمي”. هذا المشروع لا يحتاج لشهادة اكاديمية او تكاليف باهظة، وكل إمرأة بإمكانها ان تنجح به. مع بدء مشروعي في الروضة أحبه الأطفال، ونجحوا به جدا. وأانا الأن أقوم بإرشاد النساء في معًا وأنا فخورة جدا في التقدم الذي يحرزنه والتزامهن في الموضوع. نحن جميعا نعيش نفس الثورة!”.
هدى بيادسة، والتي تشارك في دورة الزراعة المائية، وتهوى الغناء اطربت الحضور باغاني من التراث الشعبي وشاركتها على الطبلة ابتسام بيادسة.
دنيا مصالحة، عاملة إجتماعية ومعالجة بالفنون، وتقوم بتدعيم النساء في كفر قرع في إطار مشروع لنقابة معًا. مصالحة مثلنا جميعا يقلقها موضوع العنف في المجتمع العربي. وفي كلمتها قالت: “سيكون لزاما علينا التوجه للرجل والحوار معه بمساواة، لا ان يبقى هو المسيطر والمرأة المسيطر عليها. وهذا الامر نحققه بواسطة الحوار وليس بالتمرد. أمامنا مسار طويل جدا حتى نحقق ذواتنا. العنف مرتبط بقوة الرجل الإقتصادية. عندما تخرج المرأة للعمل لن يستطيع الرجل السيطرة عليها بعد ولا ان يقرر عنها كيف تتصرف بمالها. عندما يعمل الزوجان يستطيعان تحسين وضعهما معًا… العنف مقلق جدا. تقتل النساء داخل العائلة على يد أحد أفرادها” قالت. “ما الحل؟ جزء منه مرهون بأن نقوي أنفسنا ونرفع صوتنا كنساء، نربي أولادنا على المساواة والندية من أجل الأجيال القادمة”.
المحامية يعيل فرنكل واحدة من بين مؤسسي جمعية “لسان” والتي أقيمت من قبل مجموعة من الطلبات في الجامعة العبرية، وتهدف لتدريس نساء فلسطينيات اللغة العبرية، وقد بدأت في عام 2017 بتعليم النساء في القدس الشرقية في مكتب معًا. ومع بداية هذا العام إنضمت يعيل فرنكل الى طاقم معًا واليوم تترافع عن عمال فلسطينيين، وشريكة فعالة في مشروع النساء.
وقد قالت في كلمتها: “حاجز اللغة يخلق حواجزا غير مرئية من الجهل والخوف. الرجال العرب يلتقون مع الإسرائيليين في أماكن العمل بينما النساء لا تلتقي ابدا. الجميل في الامر ان معلمات “لسان” من الطالبات اليهوديات جئن لتدريس العبرية وتولدت لديهن الرغبة لتعلم العربية. وهذا لم يكن مفهوما ضمنا لدي بان أعلم العبرية واتعلم العربية. للغة دلالات سلبية في بيئتنا، وهي أداة قوية في الجانب السياسي. عندما نتعلم لغة الأخر، سنملك القوة للنضال ضد الإحتلال ونخلق تغييرا مشتركا.”
عيانا إردل، شاعرة ومعلمة لموضوع الادب في المدرسة التابعة لجمعية “يد بيد” ثنائية اللغة في القدس، وتقوم بتدريس طلابا إسرائيليين وفلسطينيين من عدة احياء في القدس الشرقية، ولها علاقات وثيقة بطبيعة الحال مع معلمين ومعلمات فلسطينيين. وكانت إردل ناشطة جدا في الحراك العمالي لتنظيم طاقم المعلمين في جمعية “يد بيد” في نقابة معًا والذي تمخض عنه التوقيع على إتفاق جماعي في الجمعية في آب الماضي. وفي كلمتها تحدثت عن تجربتها والقت قصيدتين من تأليفها.
مسك الختام كان مع ميخال شفارتس، المتحدثة باسم حزب دعم- تضامن بلا حدود. وقالت شفارتس “ان دعم تناضل في ثلاثة محاور رئيسية وبينها علاقة وثيقة. الأول هو محاربة اليمين. وهذا ليس فقط نضال محلي بل هو نضال عالمي. يبدأ من نتانياهو ويمر بترامب وينتهي بقيادات يمينية متطرفة ولا سامية في أوروبا. وكلهم يتحدثون نفس اللغة، بث الخوف والكراهية تجاه المهاجرين، اللاجئين، الامريكيين من أصول لاتينية، المسلمين والعرب وبالطبع ضد النساء”.
“المحور الثاني هو المحور الاقتصادي. يطرح حزب دعم بديلا للمعسكرين في إسرائيل. ضد المعسكر الذي يريد التشبث بالاقتصاد القديم، القومي، الملوث للبيئة بالرغم من إننا نعيش اليوم في ظل إقتصاد عابر للقارات ولا يعرف حدودا. فمن جهة يناضل حزب دعم ضد مؤيدي الإقتصاد النيوليبرالي، التي يبقي الثروة بيد 1% من الأغنياء بينما يرزح باقي سكان العالم تحت وطأة الفقر والتراجع الإقتصادي. نحن نطرح بديلا وهو الإقتصاد الأخضر، التشاركي والذي يأخذ كل الشعوب بعين الإعتبار وينقذ العالم من التلوث والكوارث الناجمة عنه.”
واردفت ميخال شفارتس قائلا: “في المحور الثالث، السياسي، نحن نعتقد ان حل الدولتين الذي يتمسك به اليسار قد أكل الدهر عليه وشرب، ولا سبيل لتنفيذه. وما هو اليوم إلا تلاعب بالكلمات لإستمرار الإحتلال وتكريسه على شكل الفصل العنصري. عمليا يريد اليمين ضم الضفة الغربية وتجاهل سكانها وإبقائهم دون حقوق. هذا التوجه سيقود فقط لحروب وإرهاب. نحن نؤمن بان الإقتصاد الأخضر والتشاركي في ظل دولة واحدة مدنية يخلق الفرص لمساواة بين جميع القوميات، الديانات والاعراق والاجناس”.