مقابلة مع رباب كبها، عاملة في مجال رعاية المسنين
اجرت المقابلة – وفاء طيارة
رباب كبها من قرية برطعة تبلغ من العمر 39 عاما، متزوجة ولديها أربع بنات، وأصبحت عاملة تمريض مهنية. عملت لمدة خمس سنوات كأم البيت أي مسؤولة رئيسية لنادي كبار السن في برطعة بوظيفة جزئية، وأصبحت مؤخرا مركزة النادي. بالإضافة إلى ذلك، تعمل نصف وظيفة اخرى في دار لرعاية المسنين في الخضيرة منذ عام 2017.
كيف حدث هذا؟ يعمل زوجها في مصنع، وكانت تبحث عن طريقة لتحسين وضعهم المالي، كونها تدرك أنه سيكون من الصعب إعالة أسرة مكونة من ستة أفراد من مدخول وظيفة واحدة. لهذا الغرض، كانت قد تعلمت دورة مسعفة، وعملت كمرافقة في الرحلات المدرسية، لكن هذا لم يكن كافيا. فعملت كسكرتيرة بدوام كامل 6 أيام في الأسبوع، مقابل 1500 شيكل شهريا.
تسبب لها هذا الاستغلال حالة من التوتر العاطفي، ولم تفهم كيف يتم استغلال امرأة عاملة بهذه الشكل، وقررت ترك وظيفتها والبحث عن وظيفة أكثر ملاءمة.
كيف تعرفت على معا؟
بعد فترة وجيزة من العثور على وظيفة في نادي كبار السن، رأيت إعلانا نشرته معا على الإنترنت حول فتح دورة تدريبية للعاملين في مجال الرعاية التمريضية في مستشفى هيليل يافي. زرت المكتب والتقيت بك. لقد قابلتني وقبلتني في الدورة. أكملت الدورة بنجاح في أكتوبر 2017. حضرت الدورة كلها ولم أفوّت درسا واحدا. كانت الدورة على مستوى عال، وحصلت على شهادة في مجال رعاية المسنين وهذا الامر ملأني بالفخر. وأملت ان يفتح لي هذا الامر ابوابا. فقد شعرت أنه حتى لو لم أجد وظيفة أخرى في هذا المجال، يمكنني رعاية كبار السن في النادي بشكل أفضل وكذلك أفراد الأسرة المسنين. شعرت أن المجتمع من حولي يعاملني بأقصى درجات الاحترام.
عندما عرضت علي وظيفة أخرى في دار لرعاية المسنين في الخضيرة، كنت أخشى ألا يرغب أحد في قبولي في وظيفة جزئية، لكنك جئت معي وأقنعت مديرة دار رعاية المسنين. بدأت العمل هناك في عام 2018. وضعوني في جناح التمريض، الأمر الذي يتطلب الكثير من الجهد البدني والنفسي، لكنني أمسكت بالوظيفة بكلتا يدي.
ما هي الصعوبات التي واجهتك كون مكان العمل بعيد عن المنزل، والاضطرار إلى التحدث باللغة العبرية وتحمل مسؤولية ورعاية المرضى؟
اضطررت إلى إعادة تنظيم حياتي مع نفسي وعائلتي، التي دعمتني طوال الطريق. كما أن مرافقتك والمكالمات الهاتفية والاجتماعات في مكتب معًا أعطتني الكثير من القوة. التقيت بالعديد من النساء اللواتي لم يكن لديهن من يرافقهن، واستسلمن في غضون بضعة أشهر وغادرن العمل. العاملات في المؤسسة أثيوبيات وروسيات وإسرائيليات، ولكل منهن خلفية ثقافية مختلفة ولغة مختلفة، ولم يكن ذلك سهلا أيضا. على سبيل المثال، عندما تتحدث مجموعة لغتها الخاصة، يشعر الباقون بأن الحديث يدور حولهن وهذا الامر قد يسبب في خلق التوتر. لقد انسجمت بشكل جيد مع اللغة العبرية، لكنني لم أستطع التحدث باللغة الروسية مع النساء الروسيات، وأردت حقا التواصل معهن. بعد فترة، دعتنا الإدارة لاجتماع، وأبلغتنا أن اللغة المستخدمة في المبنى هي العبرية فقط، وهكذا كان. كما نظمت لنا رحلات مشتركة تشمل المبيت وتناول الطعام معا، الامر الذي قرب بيننا جدا. ولكن من أجل التواصل مع الروسيات، تعلمت جميع المصطلحات ذات الصلة بعمل التمريض باللغة الروسية وتمكنت من التواصل معهن وكذلك مع كبار السن الذين يتحدثون اللغة الروسية. في دار رعاية المسنين، طلبوا منا معاملة انسانية بشكل أساسي والكثير من الصبر على كبار السن. اكتشفت بانه لدي القدرة على التعاطف والإنسانية تجاه الناس بغض النظر عن أصولهم، وفي النهاية اكتشفت أن هذا الامر يساعدني على احترام نفسي أيضا. كما احترمتني العائلات جدا وشكرتني على الرعاية المتفانية.
لماذا لا تعمل المزيد من النساء العربيات حسب رأيك في مجال رعاية المسنين؟
هناك ثلاثة أسباب رئيسية لذلك. الأول هو مشكلة السفريات غير المنظمة من القرية إلى المدينة. انا أصل الى مكان عملي بسيارة خاصة، قديمة جدا ولكنها تسمح بالوصول الى المكان. وسمح ذلك لي بالوصول إلى هناك بشكل مستقل دون الاعتماد على وسائل النقل العام، وهذا جعل الأمر سهلا للغاية. تدعي إدارات دور رعاية المسنين أنها لا تملك ميزانية كافية لتمويل النقل، وأنها تدفع فقط مقابل تذكرة الباص الشهرية، وبالتالي فإن معظم النفقات على السيارة تقع على عاتق صاحبة السيارة. من ناحية أخرى، فإن أوقات الحافلات القادمة من القرى العربية لا تتوافق مع أوقات المناوبة في العمل، وخاصة اذا كان العمل يبدا في ساعات المساء. لهذا السبب تفضل دور رعاية المسنين النساء اللواتي لديهن سيارات، لأنه ذلك يسمح لهن بالوصول في الوقت المحدد، وكذلك العمل في الوردية المسائية التي تكسبهن اجرا اعلى. عادة ما كنت أعمل في المساء التي تمتد حتى الساعة 11 ليلا، بينما تتوقف الحافلات المتجهة إلى القرية في الساعة 10 ليلا.
ثانيا، العمل صعب للغاية، جسديا ونفسيا. هذا العمل بحاجة إلى أشخاص مهنيين ولديهم علاقة إنسانية جيدة ومحترمة مع الناس. ساعدتني الدورة حقا على أن أصبح مهنية. سأعطيك مثالا، العاملة التي لا تعرف كيف تغير وضعية المرضى لتجنب تقرحات الضغط أو رفعهم ونقلهم إلى كرسي متحرك، ببساطة تدمر ظهرها وتهرب خلال فترة زمنية قصيرة.
والسبب الثالث هو أننا لا نتقاضى سوى الحد الأدنى للأجور، وهي حقيقة لا تتوافق على الإطلاق مع متطلبات العمل والصعوبات. بالإضافة إلى أنه هذا الاجر غير عادل. انا اتقاضى أجرا اعلى من الحد الادنى بسبب الضغط الذي مارسته نقابة معًا على دار رعاية المسنين بفضل الدورة التي قمت بها، وأحصل على 32 شيكل في الساعة بدلا من 29. لكن اليوم تعرف النساء أنه من الممكن العمل في التنظيف أو كموظفة في السوبر ماركت، والعمل هناك أقل صعوبة ومن الممكن كسب اجرا اعلى. إذا دعمت الحكومة وأرباب العمل هذا المجال وقدموا أجورا لائقة، كان من الممكن استيعاب مئات أو آلاف النساء العربيات فيه.
كيف إثر وباء الكورونا على العمل؟
خلال فترة كورونا كان الأمر صعبا للغاية، كان علينا ارتداء قناع ورداء خاص طوال اليوم، كما هو الحال في المستشفيات. أنا مصابة بالربو، وكان بإمكاني الخروج في إجازة غير مدفوعة الأجر، ولكن عندما رأيت كيف تعمل الممرضات والأطباء في المستشفيات على الرغم من فيروس كورونا، قررت أنه يمكنني ذلك أيضا. في الموجة الأولى، طالبونا بعدم الذهاب إلى أي مناسبة وعدم الاحتكاك مع الناس لأنهم كانوا يخشون أن ننقل العدوى إلى كبار السن. كنت حذرة حقا، بالكاد غادرت المنزل باستثناء ذهابي للعمل، وحقا أصيب شخص واحد فقط بفيروس كورونا في دار رعاية المسنين الذي اعمل به. بقيت بعض النساء من جسر الزرقاء اللواتي أخذن الدورة في المنزل وخرجن في إجازة غير مدفوعة الأجر لأن المرض انتشر في القرية.
هل واجهت لحظة في العمل التي تتذكربنها على أنها صعبة؟
لدي موقف واحد اتذكره على انه صعب، لكنه انتهي بشكل جيد. كنت جالسة مع موظفة آخري، وفجأة سمعنا مقدم رعاية يصرخ بأن مريضا كاد يختنق. ركضنا إلى هناك، وبما أنني حصلت على دورة اسعاف اولي، كنت أعرف ما يجب القيام به. لقد كنت موضع تقدير على موقفي بهذا اليوم وعقدت الإدارة اجتماعا خاصا لي وأعطوني شهادة تقدير.
كيف تنظر بناتك الى عملك، وهل كنت ترغبين بان يدخلن أيضا في قطاع التمريض؟
تفخر بناتي الأربع بي كثيرا، وتحب كل واحدة منهن التطوع، وقد تطوعن بالفعل في الأماكن التي يوجد فيها عطاء للناس. آمل أن يندمجن في قطاع التمريض. ابنتي الكبرى، البالغة من العمر 18 عاما، تريد الدخول في مجال التمريض، لأنها تعتبره مجالا إنسانيا للغاية. لديها الكثير من الصبر، وهي تعرف أن التمريض مهنة لها مستقبل. ابنتي الثانية، البالغة من العمر 17 عاما، تريد التطوع في مجال مكافحة الحرائق، وتأمل أن يتم قبولها، وتريد مواصلة الدراسة بعد ذلك.
هل من رسالة توجهينها للسلطات؟
نعمل لدى أصحاب العمل يقدروننا كثيرا. لكن بالنسبة للسلطات، لا أشعر أننا نقدر بما فيه الكفاية. الحد الأدنى للأجور التي نتقاضاه لا يتطابق مع طبيعة عملنا، ولا نتلقى دعم للسفريات، ولا توجد دورات تدريب مهني كافية. هذا هو السبب في أن بعض الموظفين غير مهنيين، مما يضر بهم وبكبار السن. كنت ارغب بان يتم توظيف أشخاص مهنيين ومكافأتنا وفقا لجديتنا ومهنيتنا حتى نتمكن من إعطاء المرضى والمسنين معاملة أكثر مهنية وإنسانية.